أكد وكيل وزارة الأسرى في قطاع غزة بهاء الدين المدهون أن تأثير حزمة الإجراءات العنصرية التي اتخذها الوزير المتطرف إيتمار بن غفير تمتد إلى جميع جوانب حياتهم داخل السجون، ما يزيد من صعوباتها، ويؤثر في وضعهم الإنساني.
وقال المدهون في حوار مع "فلسطين": إن "الأسرى الفلسطينيين يخوضون معركة حقيقية داخل السجون، وقد تطورت هذه المعركة لتتجاوز إطار إدارة سجون الاحتلال، لتشمل مستوى سياسيًا أعلى، في إشارة إلى حكومة نتنياهو المتطرفة.
وأضاف أن الحملة ضد الأسرى مستمرة منذ تولي "بن غفير" منصبه، فقد اتخذ إجراءات عدة لتقييد حقوق الأسرى داخل السجون، الأمر الذي أثّر في أوضاعهم وحياتهم اليومية.
ونبه إلى أن السياسة القمعية تصاعدت في الأشهر الأخيرة، فقد اتخذت إدارة سجون الاحتلال إجراءات تقييدية تشمل منع الأسرى من الحصول على الخبز الطازج، وتقييد وقت الاستحمام، ومنع الزيارات، وتقييد تنقلاتهم داخل السجون.
اقرأ أيضاً: دعوات لنفير شعبي وسياسي لإنقاذ الأسرى من جرائم الاحتلال في السجون
وبيَّن وكيل وزارة الأسرى أن هذه الإجراءات تأتي لتعزيز سياسة القمع، وتقييد حقوق الأسرى التي كفلها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وأشار إلى أن أحد الإجراءات البارزة التي اتخذها "بن غفير" تفريق الأسرى داخل السجون، ونقلهم بين الأقسام؛ بهدف زعزعة استقرارهم وتقويض تواصلهم.
من جهة أخرى شدد المدهون على أن الخطاب الرسمي والفعاليات الشعبية تسهم في إبراز التطورات والقرارات التي تؤثر في الأسرى داخل سجون الاحتلال باستمرار.
وقال: "يلعب الخطاب الرسمي دورًا في إبراز التحديات والمشكلات التي يواجهها الأسرى، مثل القيود المفروضة على الحصول على الخبز الطازج، وحقوق الزيارة، والاستحمام؛ للتعبير عن الظروف الصعبة التي يعيشونها".
قطع رواتب مُحرَّرين
وبشأن قضية الأسرى الذين تقطع السلطة في رام الله رواتبهم، قال المدهون: إن "قطع السلطة الرواتبَ جريمة نكراء وظالمة".
وبين أن السلطة قطعت رواتب مئات المحررين في غزة، الذين كانوا جزءًا من صفقة وفاء الأحرار، من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، كما قطعت رواتب العشرات في الضفة الغربية، وحوالي 50 أسيرًا داخل سجون الاحتلال.
وشدد على أن قطع رواتب المحررين بمجرد خروجهم من السجون يتنافى مع القوانين والأنظمة الفلسطينية، وهو أمر غير قانوني وغير أخلاقي أيضًا.
وفيما يتعلق بتأثير الانقسام السياسي في الأسرى، أوضح المدهون أن الوزارة تتخذ إجراءات إستراتيجية للتعامل مع تأثيرات الانقسام، بالتركيز على القضايا المشتركة، وتبادل المعلومات، والتواصل بفاعلية.
وبين المدهون أن وزارته تعمل على مواجهة سياسة استخدام الاعتقال الإداري من خلال التوجه إلى المجتمع الدولي عبر مراسلات واجتماعات مع المؤسسات الدولية والبرلمانيين؛ للتعبير عن القلق إزاء حقوق الأسرى والاعتقال الإداري والممارسات القمعية.
ونبه إلى أنه تم توجيه دعوات إلى مؤسسات حقوق الإنسان والمنظمات الداعمة للقضية الفلسطينية للعمل معًا من أجل تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان داخل سجون الاحتلال والدعوة لوقفها.
وأشار إلى أن وزارته تركز على التواصل المستمر مع الأسرى الإداريين داخل السجون لمعرفة أحوالهم، وضمان تقديم الدعم والمساعدة اللازمين لهم.
وأوضح أن وزارته تحرص على تنظيم حملات إعلامية وحملات توعية تستهدف الرأي العام الدولي للتعبير عن الظروف القاسية التي يعيشها الأسرى، وضرورة التحرك لتحقيق حقوقهم، إضافة إلى تخصيص يوم من كل أسبوع أو شهر للتركيز على قضية الأسرى والاعتقال الإداري بفعاليات وندوات ومظاهرات تشجع على الوقوف بجانب الأسرى ودعمهم.
وردًا على مدى تجاوب المؤسسات الدولية الحقوقية على رسائل الوزارة بشأن الأسرى، بين المدهون أن وزارته تتلقى إجابات واستجابات من جميع الجهات والأفراد بخصوص قضايا الأسرى، لكنها لا ترتقي لمستوى الحدث.
وقال: "في بعض الأحيان نحصل على إجابات غير مفصلة تشير إلى استلام الرسائل والاهتمام بها، وهذا يشير إلى أن هناك تحديات تواجه المؤسسات الدولية في التعامل مع قضية فلسطين، حيث يتعامل الاحتلال الإسرائيلي مع بعض القرارات والمواثيق الدولية بانتقائية، ويتجاهل ما يتعارض مع مصالحه".
وأضاف أن هذا الأمر "يُعبر عن ضعف تأثير المنظومة العالمية في مواجهة التصعيد والاستفزازات من جانب الاحتلال، وهذا يُظهر ضرورة تعزيز التعاون والضغط الدولي من أجل حماية حقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال والاستيطان.
وأكد المدهون أن وزارة الأسرى تؤدي دورًا مهمًا في تحريك الجماهير الدولية وتنظيم الفعاليات الجماهيرية لدعم قضية الأسرى وحقوقهم.
وقال إن وزارته تتواصل باستمرار مع المستوى الرسمي للتعبير عن معاناة الأسرى، ولتحقيق التدخل والدعم في حل القضايا والتحديات التي يواجهونها داخل السجون وتُنظم فعاليات مختلفة في مناسبات معينة، تشمل الوقفات أمام السفارات الإسرائيلية ومقرات السلطات الاحتلالية، وهذه الفعاليات تعمل على تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الأسرى.
وأضاف أن هناك استجابة من بعض المجموعات والمؤسسات المحلية غير الرسمية في تنظيم فعاليات وتظاهرات داعمة للأسرى وللقضية الفلسطينية، ما يسهم في زيادة الوعي العالمي بمعاناة الأسرى.
وتابع قائلًا: إن "مؤسسة (رئاسة السلطة) تعد البوابة الرئيسة للتواصل مع المستوى الرسمي، لكنها تقصر في كثير من الأحيان، ولذلك نعمل على التواصل مع الجهات غير الرسمية مثل البرلمانيين الأوروبيين والشخصيات العامة والمجموعات الشبابية والمؤسسات غير الرسمية لنشر قضية الأسرى وزيادة الوعي بحقوقهم.
في المقابل، نبه المدهون إلى وجود تنسيق وتواصل بين وزارة الأسرى وهيئة شؤون الأسرى بعد تعيين قدورة فارس رئيسًا للهيئة، حيث يعكف الجانبان على تنسيق الجهود والتعاون في قضايا الأسرى.
وبين أن التواصل بين وزارة الأسرى والهيئة يشمل التنسيق المكتبي والميداني، حيث يتم تبادل المعلومات والأوراق المتعلقة بقضايا الأسرى والعمل على حل المشكلات الملحة.
لكن المدهون أشار إلى أنه على الرغم من التواصل الميداني الفعال، "فإن التواصل السياسي وعلى مستوى أعلى محدود بين الجانبين؛ نظرًا للتحديات السياسية والتوترات الحالية بين غزة ورام الله".
وشدد على أن التواصل مع رام الله يركز على تيسير قضايا الأسرى والعمل على حل المشكلات الميدانية وتسهيل الإجراءات المتعلقة بحقوقهم داخل السجون، حيث يجري التنسيق والتواصل باستمرار من خلال مندوب يمثل وزارة الأسرى، ويزور رام الله لتبادل المعلومات والمساعدة في تسهيل الإجراءات وحل القضايا المعقدة.
وأكد المدهون أن الانقسام السياسي الحالي "يمثل تحديًا يؤثر في عملنا في مجال دعم قضية الأسرى وحقوقهم، وعلى الرغم من ذلك نعمل على تجاوز هذا التحدي من خلال التعاون والتنسيق المشترك مع جميع التنظيمات والفعاليات المعنية بقضية الأسرى".
توحيد الجهود
وبين وكيل وزارة الأسرى أن الانقسام يؤثر في بعض الجوانب، "لكن توجهنا الدائم نحو توحيد الجهود يجعلنا نواصل العمل بقوة وتصميم لدعم الأسرى والدفاع عن حقوقهم".
وأوضح أنه في الميدان، "نشهد تنظيم فعاليات مشتركة تجمع بين الجهود كافة من أجل دعم الأسرى ونشر الوعي بحقوقهم، ونعمل بتكاتف لجعل صوتنا موحدًا، ونستخدم قضية الأسرى وسيلة لتوحيد جهودنا وتجاوز التحديات".
وفي سياق منفصل، أدان المدهون حملات الاعتقال والمضايقة ضد المحررين في الضفة الغربية المحتلة، وقال: "في بعض الأحيان تُرسَل رسائل تهديد وملاحقة لهؤلاء المحررين، وفي بعض الحالات يتم اقتحام منازلهم، وهذا يعد تصرفًا غير مقبول ويثير استياء الجميع".
وقال إن هذه الأفعال والتصرفات تنعكس سلبيا على صورة السلطة الفلسطينية، وتثير تساؤلات بشأن توجهات وأساليب الأجهزة الأمنية بالضفة في التعامل مع المحررين.
وشدد وكيل وزارة الأسرى على ضرورة أن تلتزم أجهزة أمن السلطة حمايةَ حقوق المحررين، وعدم المساس بكرامتهم أو تعريضهم لأي تهديد.
وأوضح أن وزارته تلاحظ أن العديد من المحررين يواجهون مشكلات بعد خروجهم من سجون الاحتلال، وتتم ملاحقتهم وتهديدهم من أجهزة أمن السلطة بالضفة، لكن لا نمتلك إحصائيات محددة عن عدد الأسرى الذين تعرضوا للتوقيف في السنوات الأخيرة من جميع التنظيمات.
وبين أن ملاحقة أجهزة أمن السلطة بشكل خاص تستهدف المحررين من حركتي حماس والجهاد، والذين ينتمون لتيارات المقاومة، وحتى أبناء فتح الذين ينتمون للأفكار نفسها.
وأشار إلى أن وزارة الأسرى تسعى إلى عدم توريط الأسرى في صراعات سياسية، وتؤكد دائمًا أهمية تجنب استهدافهم ومطاردتهم بعد الإفراج عنهم.
ورفض المدهون التصرفات التي تشترط على المحررين في الضفة الغربية عدم التعبير عن فرحتهم واحتفالهم بالخروج، "ونؤكد أن هذا التصرف غير مقبول، ولا يعكس قيمنا ومبادئنا".
وشدد على أن تلك الاشتراطات تشعرنا بالقلق، وتدفعنا إلى وضع علامات استفهام حول الأسباب والنوايا وراء هذه الأفعال والجهات التي تقف خلفها.
من جهة أخرى بين المدهون أنه في غزة، تتبنى وزارة الأسرى منهجًا مختلفًا تجاه المحررين من جميع التنظيمات، "إذ نُظهر لهم التقدير والاحترام، ونقف بجانبهم لكونهم مقاومين تحملوا عبء الاحتلال".
وأشار إلى أن وزارته تنظم برامج ترحيب واستقبال مميزة للمحررين على حاجز بيت حانون، "في محاولة لإبراز تقديرنا لتضحياتهم وعنائهم على مر سنوات الأسر".
وبشأن الأنشطة التي تنظمها الوزارة لدعم صمود الأسيرات، بين المدهون أن وزارته تدعمهن وتساندهن داخل سجون الاحتلال، وعددهن 32 أسيرة، عبر تنفيذ عدة نشاطات وبرامج، إضافة إلى تواصلها المستمر معهن داخل السجون، وتقدم لهن الدعم الإعلامي والمعنوي والحقوقي.
وقال إن وزارته تسعى إلى التواصل الدولي بنشر الانتهاكات التي تتعرض لها الأسيرات داخل السجون، والعمل على تسليط الضوء على معاملة إدارة السجون الظالمة معهن، كما تنظم ندوات وفعاليات توعوية للتعريف بالظروف التي تعيشها الأسيرات، وتعرضهن للاعتقال والتحقيق والتعذيب.
وأشار إلى سعي وزارته لتوعية الجماهير الفلسطينية والدولية بقضية الأسيرات في السجون والمساندة اللازمة لهن، "ونحرص على تعزيز الوعي في المجتمع بأهمية دور الأسيرات في المقاومة والصمود أمام الاحتلال، ونؤكد أهمية تقديم الدعم المعنوي والنفسي للأسيرات، وتوفير كل الإمكانات للحفاظ على كرامتهن وحقوقهن داخل السجون.
وبين المدهون أن وزارة الأسرى تعمل أيضًا على تنظيم رحلات وفعاليات تكريمية للمحرَّرات وذويهن في قطاع غزة؛ لتأكيد أهمية دعمهن وتقديرهن لتحملهن عبء الاحتلال.
كما أشار إلى أن وزارته تحرص على تسليط الضوء على إبداعات الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من الحملات الشرسة والمعوقات التي تُنظم ضدهم من أعلى المستويات في حكومة الاحتلال.
وقال إن إنجازات الأسرى ملهمة ومذهلة، فقد حصل مئات منهم على شهادات مختلفة داخل السجون، بما في ذلك البكالوريوس والماجستير وحتى الدكتوراة.
وأضاف أن إبداعات الأسرى لا تقتصر على المجال العلمي والأكاديمي فحسب، بل تشمل أيضًا المجال الثقافي والأدبي، فألفوا كتبًا وشاركوا في مسابقات وأبحاث متنوعة.
وبين أنه بفضل إصرارهم وإرادتهم القوية، تمكن الأسرى من صنع حياة جديدة بتهريب نطفهم خارج السجون، وبذلك أصبح لديهم أبناء يعيشون خارج السجون، "ونحن بصفتنا وزارة نقوم بدورنا في مساعدتهم ماليًا في هذا المجال".